http://ift.tt/2jbgAMN
أصبح اليوتيوب اليوم أشهر ثاني محرك بحث في العالم، رغم أنه منصة لمشاركة الفيديوهات أو يمكن أن نسميه شبكة اجتماعية للمحتوى المرئي، نعم، فالموقع يوفر الكثير من الخصائص التي تصنف ضمن خدمات وأدوات الشبكات الاجتماعية، وفي نفس الوقت هو منصة لمشاركة المحتوى، لكن ليس أي محتوى، المحتوى المرئي الذي يعتبر الأصعب والأكثر تكلفة من بين سائل أنواع المحتوى الأخرى (نص – صور – صوت).
هل اليوتيوب شبكة اجتماعية؟
قد يعتبر تصنيف اليوتيوب على أنه شبكة اجتماعية أمر مختلف فيه، ليس هنالك محددات واضحة ومتفق عليها لتصنيف الشبكات الاجتماعية، الحد الفاصل بين منصات مشاركة المحتوى والشبكات الإجتماعية ليس واضح المعالم، فهنالك مواقع ترتكز على المحتوى مثل اليوتيوب وموقع (GoodReads) المهتم بالكتب وغيرها من المواقع التي تعتمد على المحتوى بشكل أساسي، لكنها في نفس الوقت توفر الكثير من الأدوات للتواصل بين الأعضاء والتي تؤهلها لأن تكون شبكة اجتماعية.
لقد تحدثنا في مقالة قديمة عن الخصائص الأربعة المطلوبة توفها في أي شبكة اجتماعية، والتي كانت:
- المستخدمون يصنعون المحتوى
- توفر الصفحات الشخصية Profiles
- يوجد علاقة وتواصل بين المستخدمين
- المحتوى يتغير حسب كل مستخدم.
لو تأملنا في الخصائص الأربع السابقة، سوف نجد أن اليوتيوب يحققها جميعاً رغم ضعفه في بعضها، فكل المحتوى هو قادم من المستخدمين أنفسهم، وكل مستخدم له قناة خاصة يرفع فيها المحتوى المرئي، وكذلك يمكن التواصل بين الأعضاء بواسطة الرسائل الخاصة، وأخيراً، لمحتوى يتغير بحسب الشخص (بحسب القنوات المشترك فيها والتفضيلات التي يحبها وسجل تصفحه السابق وغيرها من العوامل).
دعونا الآن نتحدث عن الأشياء التي نجح فيها موقع اليوتيوب وفشلت فيها الكثير من الشبكات الاجتماعية الأخرى:
1. التركيز على المحتوى
بشكل عام يمكن تقسيم الشبكات الاجتماعية إلى قسمين، الأول الذي يتمحور حول المستخدم نفسه، والثاني الذي يتمحور حول المحتوى (الذي يصنعه المستخدم)، كلها شبكات اجتماعية لكنها تتأطر في هاذين التصنيفين العامين، فمثلاً الفيسبوك من النوع الأول الذي يتمحور حول المستخدم، أما اليوتيوب فهو من النوع الثاني الذي يتمحور حول المحتوى، فكل فيديو هو وحدة من وحدات المحتوى الذي تتمحور بقية الأنشطة والخصائص حوله (تعليقات – اعجابات – اشتراكات ….الخ).
يمكن أن نعتبر أن موقع اليوتيوب من أنجح النماذج التي ركزت على المحتوى، فكما يقال دائماً، البشر زائلون والأثر باقي، أما في العالم التقني، فيمكن للشخص أن ينشر فيديو مفيد -أو عدة فيديوهات- في مجال من المجالات التي يمتلك فيها خبرة كبيرة، ثم ينشغل في حياته ويترك القناة، وربما يأتيه الأجل وينتقل إلى العالم الآخر، حينها سوف تبقى تلك الفيديوهات موجودة وحاضرة، يستفيد منها الآلاف وربما الملايين من البشر، المحتوى يبقى ويستمر الأثر.
2. البحث والوصول
النقطة السابقة تؤدي بنا إلى هذه النقطة، فالتركيز على المحتوى يتطلب كذلك تسهيل الوصول إليه، فما الفائدة في الكثير من المحتوى الذي لا يصل إليه أحد، هذه هي مشكلة الشبكات الاجتماعية الأخرى وخاصة الفيسبوك، الأرشفة ضعيفة جداً والبحث متخلف كثيراً، قد تقرأ منشور مفيد كتبه أحدهم، ثم بعد شهر أو شهرين، تعجز عن الوصول إلى ذلك المنشور أو الرجوع إليه، تريد أن تبحث عن المنشور عبر قوقل أو عبر الفيسبوك نفسه لكن كل الطرق لا تؤدي إلى نتيجة.
لازال محرك البحث الداخلي في اليوتيوب ضعيفاً، التركيز فيه يكون على الأحدث فقط، المحتوى القديم يضيع في دهاليز قواعد البيانات ومن الصعب أن تصل إليه، لكن في اليوتيوب يمكنك الوصول إلى المحتوى بغض النظر عن تاريخ نشره، تصل إلى الفيديو المنشور قبل 5 او 8 سنوات ببساطة، هنالك محرك بحث قوي وهنالك تقنيات للأرشفة، كما أن المستخدم حين يرفع الفيديو يكتب الوصف ويكتب الكلمات المفتاحية المتعلقة بالفيديو والتي تساعد الآخرين على الوصول إلى المحتوى ببساطة.
3. مشاركة الأرباح
اليوتيوب يعد فرصة كبيرة لكسب المال، هم يشاركونك الأرباح عبر الإعلانات، فكلما كنت مبدعاً أكثر وحازت فيديوهاتك الأصلية على مشاهدات أكبر كانت فرص كسب الأموال أفضل، أما في الفيسبوك فكن مبدعاً إلى السماء ولن تحصل على سنتاً واحداً، سوف تجد الإعلانات تملأ الصفحات أينما ذهبت، أنت فقط المستهلك الذي يتم الاستفادة منه في جني الكثير من المال.
في اليوتيوب هنالك برنامج شراكة، إذا كنت صانع فيديوهات فيمكنك الاشتراك في البرنامج من أجل مقاسمة الأرباح، تلك الأرباح التي تأتي من الإعلانات الرقمية، تلك الإعلانات التي يتم نشرها فوق فيديوهاتك وبجانبها، أما إن لم تشترك في البرنامج، فاليوتيوب يحترم حقوقك ولن يعرض الإعلانات على فيوديوهاتك، إنه مبدأ (الكل رابح) أو (win-win)، هذا المبدأ الذي نجحت اليوتيوب في تطبيقه وساعد على تطوير المحتوى وتميزه في الشبكة لأنه أعطى صانعي الفيديوهات الدافع لتقديم المزيد من الإبداعات والمحتوى المفيد لتحقيق الإنتشار وكسب الأموال.
الفيسبوك لا تعطيك أموالاً على وقتك وجهدك داخل الشبكة، لكنها تعطيك خصائص أكثر ووسائل أفضل، تطور شبكتها باستمرار لكسب رضاك، هذا هو المقابل، خدمة جيدة مقابل وقتك ومساهماتك، لكن في المقابل نجد اليوتيوب تفعل ذلك أيضاً وتقدم لنا ما يسهل عيلنا حياتنا، لكن زيادة على ذلك تشارك معنا أرباحها، فكما يمكن الاستفادة من الفيسيبوك لتسويق منتجك أو خدمتك (عبر صفحات الإعجاب) يمكن فعل ذلك في اليوتيوب بدون دفع أية أموال للشركة.
4. الحفاظ على حقوق الملكية
قد يبذل الشخص الكثير من الوقت والجهد لإنتاج فيديو مميز متعوب عليه، ويحقق آلاف المشاهدات في اليوتيوب في زمن قياسي، فيقوم أحد الفضوليين بتحميله ثم رفعه على صفحته أو حسابه في الفيسبوك، ولأنه مميز، قد ينتشر ويحقق ملايين المشاهدات في زمن قياسي أيضاً، يصنع شهرة على حساب تعب ومجهود الآخرين، شيء يقهر، أليس كذلك؟
طبعاً لا نستطيع أن نقول أن الفيسبوك لا يوفر آلية لحفظ حقوق الملكية فيما يخص الفيديوهات، فهي قد بدأت -لكن متأخرة- في توفير خدمة خاصة لصانعي المحتوى المرئي للحفاظ على حقوقهم، وذلك عبر أداة (Rights Manager) التي من خلالها يمكنك أن تحافظ على حقوق الفيديوهات الخاصة بك في الشبكة وتمنع أي شخص آخر من رفعها مجدداً، لكن ماذا عن المحتوى الآخر، النصوص والصور في الفيسبوك، قد ينشر الشخص صوره الإبداعية التي يتعب فيها ثم يأتي آخر ويستخدمها في منشوراته بدون وجه حق.
اليوتيوب لديه نوع واحد من المحتوى (الفيديوهات) لذلك هو يقدم دعم كامل للحفاظ على حقوق الناشرين الأصليين، أما الفيسبوك فهي شبكة تدعم أكثر من نوع واحد للمحتوى، والمفروض أن تقدم آليات للحفاظ على حقوق الملكية الفكرية والحفاظ على مجهود الآخرين حتى في النص المكتوب، بمعنى مختصر أن تساهم في تخفيف عادة النسخ واللصق التي نعاني منها في فضاء الويب.
اليوتيوب يقدم نوعين من الخدمات للحفاظ على حقوق الملكية الفكرية للفيديوهات، الأول هو نظام (Content ID) كما شاهدنا في الفيديو السابق، والذي هو موجه أساساً للشركات المتخصصة في الإنتاج الفني والصوتي، وهذا النظام يقوم بالمراقبة الآلية لكل الفيديوهات التي يتم رفعها إلى اليوتيوب ويقدم حلول وسطية بين أصحاب المحتوى وأصحاب القنوات.
أما النوع الثاني الموجه لأي صاحب قناة عادية يريد حماية فيديوهاته من رفعها مجدداً في قنوات أخرى، هذه الخدمة لا تقوم بمراقبة الفيديوهات بشكل آلي، لكن يجب عليك أنت أن تقدم بلاغ بانتهاك حقوق الملكية عندما يقوم أحدهم بإعادة رفع الفيديو الخاص بك، وتذكر فيه المعلومات الأساسية التي تشمل رابط الفيديو الأصلي في قناتك، وبعد ذلك سيتم حذف الفيديو بعد المراجعة، يتم تقديم البلاغات عبر صفحة خاصة.
5. الدعم المعنوي
تقدم اليوتيوب العديد من الفعاليات والأنشطة على أرض الواقع من أجل تشجيع صانعي المحتوى على شبكتها، فهي تقدم مساحات العمل وتقيم الفعاليات التي تتم على أرض الواقع وغيرها من أنواع الدعم، عبر هذه الصفحة سوف تجد تصنيفات الدعم والمساندة المقدمة من قبل اليوتيوب لأصحاب القنوات ومقسمه حسب شهرة القناة، كلما كانت القناة أكثر شهرة كلما حصلت على فرص أكبر للدعم والمشاركة في الفعاليات والاستفادة من الخدمات.
هنالك بعض المحاولات من قبل الفيسيبوك لإقامة الفعاليات، لكن الفرق كبير وواضح، اليوتيوب يقدم مساحات عمل (YouTube Spaces) ويوفر العديد من الأدوات المساعدة في إنتاج الفيديوهات كما يوفر لأصحاب القنوات دعماً خاصاً عبر (partner manager) وحين تصل قناتك إلى 100 ألف مشترك، ستتلقى درعاً خاصاً (Play Button) كتكريم معنوي على جهودك وإبداعاتك. الفيديو التالي من تصوير الأخ حازم الصديق الذي يعرض فيه الفعالية الأخيرة التي أقامتها اليوتيوب في مصر
التدوينة ما الذي نجحت فيه اليوتيوب وفشلت فيه بقية الشبكات الاجتماعية ظهرت أولاً على عالم التقنية.
January 14, 2017 at 03:00PM
عمر الحمدي
إرسال تعليق